تابع معي هذه المشاهد، وأظنك رأيتها من قبل في مساجدنا كلها أو بعضها
تمتد يد طفل إلى مصحف ليقرأ فيه، فيجد أخينا فلان له بالمرصاد ينتزع المصحف من يديه و ينهره و يطرده من المسجد.
الأطفال في الميضأة ضحك أحدهم أو بعضهم أو تكلم أحدهم إلى الآخر، فينهال عليهم صاحبنا سباباً و أحيانا ضرباً و يطردهم من المسجد.
الميضأة مزدحمة، لمح صاحبنا بين المتوضئين طفلاً صغيراً، فقرر إيقافه عن الوضوء و الدخول مكانه للوضوء.
طفل صغير جالس بالمسجد ينتظر أن يفرغ أباه من الصلاة يبكي أو يضحك، ما إن تنتهي الصلاة تجد صاحبنا قام ووجهه يشع غضب زاجراً المصلين الذين لا يكنون احترام للمعبد آسف أقصد المسجد و يدنسونه بإحضار أطفالهم الصغار، من لا يستطيع أن يحضر للصلاة دون تدنيس المسجد بهؤلاء الشياطين الصغار يا سادة فلا يحضر، و في أحيان كثيرة يرسل بعض السباب النابي إلى الآباء دون
تحديد أسماء.
جاء صاحبنا إلى الصلاة متأخراً، وجد الصف مكتملاً و لمح طفل صغير يقف في أحد
طرفي الصف، فأخرجه من الصلاة ووقف يصلي مكانه.
عجيبة؟. خذ هذه أعجب
جاء صاحبنا إلى الصلاة متأخراً، وجد الصف مكتمل و طفل يقف وحيداً في الصف
الجديد بموازاة الإمام، فنقله إلى اليسار قليلاً ووقف يصلي مكانه بموازاة الإمام.
طفل أحدث صوتاً بالمسجد، أو مر أمام مصلي. اغتاظ صاحبنا و راح يسب و يلعن
بأقذع الألفاظ.
يمكن أن أستمر في ذكر
أمثال هذه المواقف كثيراً، لكني لا أحتاج لذلك فكلنا نراها في مساجدنا.
فكرت كثيراً ما الذي يدفع
هؤلاء للتصرف بهذا الشكل.
الأمر عجيب للغاية، وأجده
مركب من عدة أسباب.
منها نظرة
هؤلاء للمسجد. ينظرون إليه و كأنه معبد وثني لا يجوز تدنيسه بالسماح لهؤلاء
الأوغاد الصغار باللهو فيه و لكن يمكن إطلاق السباب و الألفاظ النابية الموجهة
للأوغاد الصغار دفاعاً عن المعبد حتى أثناء قيام الصلاة.
لا أعرف ماذا سيكون شعور
هؤلاء إذا علموا ماذا كان يحدث في المسجد على عهد النبي -صلى الله عليه و سلم-.
لا أعرف كيف سيشعرون
عندما يعلموا أن بعض المسلمين على عهد النبي كانوا يتخذون المسجد مسكناً لهم، فيه
يأكلون و يشربون و يتسامرون.
لا أعرف ماذا سيكون
شعورهم عندما يعلموا أن النابغة العظيم الحسن بن الهيثم كان يجري بعض تجاربه
بالأزهر الذي كان يسكن بالقرب منه.
يمكن ذكر الكثير من
الأمثلة على عدم اقتصار المسجد على الصلاة على طول تاريخ المسلمين منها إنشاد
الشعر و استقبال الوفود و دروس العلوم المختلفة الدينية و الدنيوية، ماذا عن سيرك
بالمسجد؟ نسمع الموقف الذي ورد بالصحيحين عن حمل النبي- صلى الله عليه و سلم-
للسيدة عائشة لمشاهدة الحبشة و هم يلعبون بالحراب في المسجد!
سبب آخر أظنه يدفع هؤلاء
لاضطهاد الأطفال هو شعورهم بالقمع و الظلم و الذل و حاجتهم إلى ممارسة القمع و
الذل على من يظنون أنه أدنى منهم فلا يجدون سوى الأطفال الأبرياء. الواحد منهم
مقهور بطرق شتى، يخاف الشرطي و يخاف رئيسه في العمل، و يخاف دائنه، الجميع يمارسون
عليه الذل و الإهانة، و هو لا يجد متنفس من ذلك إلا باضطهاد من هم أضعف منه سواء
كانوا هؤلاء الأطفال أو زوجته لأو أبناؤه أو أي ضعيف يعتقد هو أنه دونه مكانة.
لا
أعرف لهؤلاء سوى نصحهم بمحاولة تنحية أمراضهم النفسية عن الأطفال.
و
ما يروى عن رحمة النبي و لطفه مع الأطفال لا يتسع المقام لذكره.
."من لا يرحَم
لا يُرحم" قالها النبي-صلى الله عليه و سلم- لرجل غليظ مع أطفاله
و قد روي أن النبي صلى
بالناس و هو يحمل أحد أحفاده، كما روي أنه أطال في سجوده بينما أحدهم يجلس على
ظهره كرهاً منه أن يعجله حتى يقضي حاجته، و روي أنه كان يخفف من صلاته إذا سمع
بكاء طفل.
أي سكينة و خشوع و سلام داخلي و نقاء
روحي يمكن أن تجده في مسجد يسوده تنفيس للأمراض النفسية و ترقب من الكبير على
الطفل و تصيد للأخطاء ثم سب و لعن و إهانة و ضرب و طرد؟
حان الوقت ليتولى القائمين على المساجد
مسئوليتهم في توفير مناخ مناسب بالمسجد لا يؤثر عليه أي مختل نفسياً. لماذا لا
نخصص أماكن بالمساجد للأطفال، ولماذا لا نعلم الكبار كيفية الرفق بالصغار تأسياً
بالنبي الكريم و التزاماً بآداب الدين الحنيف. يمكننا أن نفعل الكثير نحتاج فقط
للمحاولة.
تعليقات
إرسال تعليق