تمثال المفكر |
أظنك
فهمت أي سؤال أقصد. إنه السؤال القديم الذي تعرض له كل بشري بوعي أو بدون وعي.
لخصه أبو الطيب المتنبي في بيته الرائع
ذو
العقل يشقى في النعيم بعقله........... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ولخصه
مورفيوس لنيو في حبتين زرقاء وحمراء في
ذماتركس.
ولكن
في العالم الحقيقي لن يخيرك أحد بين حبتين، عليك أن تدرك بنفسك وجود الحبتين، كما
عليك أن تختار بنفسك بينهما.
إنه
الاختيار بين أن تحيا كإنسان أو أن تعيش كدابة من دواب الأرض.
في
العالم الحقيقي عليك أن تختار بين أن تشقى في النعيم، أو أن تتنعم في الشقاء.
الذين
يختارون التنعم في الشقاوة ويريحون عقولهم من عناء التفكير والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة
في الحياة ويؤثرون ملذات الحيوان على أفكار عقل الإنسان وصفاء روح الملاك غالباً
لا يدركون أساساً تعرضهم للسؤال، بمجرد أن ترد الفكرة على عقولهم ينصرفون عنها
سريعاً، عبارتهم الأثيرة الحياة قصيرة دعنا نستمتع بها.
بينما
الذين يختارون شقاء التفكير يرون في العقل قيمة الإنسان. وبدونه لا معنى
للإنسانية، لا يمكنهم إسكات ضمائرهم، لا يمكنهم التوقف عن التساؤل عما حولهم، لا
يستطيعون التوقف عن التدقيق في كل ما يعرض لهم، في بحث مستمر عن المعاني الكبرى
للوجود.
وقد
لخص الإمام علي -كرم الله وجهه_ حال الصنفين في عبارته الشهيرة في المقارنة بين
حال الحيوان والإنسان والملاك إذ وصف الحيوان بأنه شهوة بلا عقل، والإنسان بأنه
عقل وشهوة، والملاك بأنه عقل بلا شهوة؛ فإذا سما عقل الإنسان على شهوته فهو فوق
الملاك، إذا ما سمت شهوته فوق عقله فهو دون الحيوان.
والأمر
في الوقع لا يعمل بمنطق الكل أو لا شيء؛ بل يشبه خط منتصفه تعادل وفي أقصى يساره
أولئك الذين انفصلوا عن كل معاني الإنسانية وتخلوا عن كل شرف يأتي به العقل واتصفوا
بكل خسة تجلبها الشهوة الحيوانية، وفي أقصى اليمين أولئك الذين سموا بعقولهم أيما
سمو، وصاروا يتحكمون بشهواتهم بشكل كامل واتصفوا بكل شرف يجلبه العقل وانتفى عنهم
كل سوء يجلبه غيابه.
إلا أن الذين يقعون عند الطرفين هم قلة قليلة، و معظم
البشر يقعون بين ذلك، تعظم كثافتهم على جانبي نقطة التعادل، و تقل كلما اتجهنا إلى
الطرفين.
أنت
حتماً تقع عند نقطة ما على طول هذا الخط. كما أنك ربما تنتقل منها إلى أحد
الاتجاهين تنزلق إلى اليسار أو ترتقي إلى اليمين. إضا كنت لا تدرك أنك تتحرك على
الخط فأنت تتجه إلى اليسار، أما إذا كنت تتجه لليمين فأنت تبذل جهد كافي واعي
للتحرك في هذا الاتجاه. باستطاعتك دائماَ أن تغير اتجاهك، فاعمل على ذلك. اعمل على
أن تكون في المكان الصحيح. إذا تركت نفسك ستنزلق دون وعي، فلا تتركها.
تعليقات
إرسال تعليق