لا أعرف مدى صحة الرأي القائل بأن الأبوة غير أصيلة في الرجل إنما مكتسبة، على عكس الأمومة التي تولد المرأة بها كغريزة أصيلة. لكنني أشعر أحياناً أنني أب مشتاق لأبنائه الذين لم يرهم بعد، بل أشعر أحياناً إذا ما مررت بموقف عسير أنني أتمنى ألا يمر أبنائي بمثل هذا الموقف، وأن عليَّ واجب الإرشاد والنصح الذي ينقل لهم خبرتي الحياتية لئلا يقعوا في نفس الفخ..
وتلبية لذلك النداء بداخلي أكتب هذه المقالات إلى ولدي الذي لم ير الدنيا بعد، لعله يجد فيها من النصح ما يفيده في خوض غمار حياة ثمن التعلم فيها باهظ التكلفة.
أحسن لك..في الهموم.. انظر إليها في ظل الصورة الكبيرة، تخيل ضآلة مشكلتك مقارنة بمشكلات البشر، تذكر أن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، تذكر المعاني الكبرى للوجود.
أحسن لك..في عمل الخير ..و لو صغر انظر إليه بمنظار أثر الفراشة، تخيل نبل الفعل، و أثره الإيجابي.
أحسن لك.. تذكر أنك ولدت على الفطرة فشكلك المجتمع بما يلائمه..فحاول دائماً أن تحافظ على المكارم التي غرسها بك مجتمعك..و الأهم أن تداوي العاهات التي ألحقها بك.
أحسن لك..في خياراتك..فكر في الأمر كثيراً.. استمع لأراء الجميع..لكن في النهاية لا تتبع سوى صوتك الداخلي.
أحسن لك..في علاقاتك..المشكلة ليست في أن تجد الصديق المثالي، أو الزوجة المثالية، أو الجار المثالي، أو رب العمل المثالي.. الأصعب و الأهم دائماً هو أن تجاهد نفسك لتصبح أنت الصديق المثالي، و الزوج المثالي، و الجار المثالي، و الموظف المثالي.
أحسن لك..في معاملة الناس ..عاملهم كما يليق بك أن تعاملهم، لا كما يليق بهم، فالفعل صادر منك لا منهم، و منسوب إليك لا إليهم، و مكتوب لك أو عليك لا لهم أو عليهم، كما أنه قد يؤثر فيك أكثر مما يؤثر عليهم.
أحسن لك..في أحلامك..اشطح بلا حدود.
أحسن لك..في العطاء..أعطي بكثرة، لا تنتظر مقابل، انسى ما أعطيت و لمن و متى.
أحسن لك..في الأخذ..لا تأخذ، و إن أخذت لا تنسى أبدأ، إن أخذت رد بزيادة.. و لا تزال مدين.
أحسن لك..خذ نفسك بالشدة، سائلها و حاسبها.. خذ الناس باللين، و الإعذار، و حسن الظن، و العفو، و السماح، لا تظن بهم و لا تسائلهم و لا تحاسبهم.
أحسن لك..إذا كان الحق مبتغاك.. احرص على سماع الرأي المخالف أكثر من المشابه..المشابه يزيدك إصرار نفسي على رأيك..المخالف يوسع أفقك..و يزيد خياراتك.
أحسن لك..اعمل على تفتيح عقلك و ليس حشوه..حتى إذا كنت تحمل أكبر مظلة في العالم فإنها لن تفيدك طالما أنها مغلقة.
أحسن لك..تذكر أن ما عليك الاهتمام به ليس سلوكيات الناس, و أفعال الناس, ونظرة الناس, و كلام الناس, و رد فعل الناس... ما عليك الاهتمام به هو ما أنت مسئول عنه..سلوكياتك أنت, أفعالك أنت, نظرتك أنت, كلامك أنت, ردود أفعالك أنت.
تعليقات
إرسال تعليق