ماهر زين و سامي يوسف |
بدأ عصر ما يمكن تسميته بـ"البوب الإسلامي" عام 2002 مع إصدار سامي يوسف لألبومه الأول "Al-Mu'allim المعلم" من إنتاج شركة أويكننج (الصحوة) Awakening. حقق الألبوم نجاح كبير فاق المتوقع بكثير و بهذا النجاح بدأ الشكل التقليدي للموسيقى الدينية في العالم الإسلامي يتغير بسرعة. زالت الفكرة التقليدية عن الأغاني الدينية منخفضة الإنتاج و الجودة و المبيعات. بدأ الشكل الجديد بالانتشار بسرعة كبيرة جداً.
برز في هذا اللون الجديد من الموسيقى الحس الإيماني الطاغي على الجو الموسيقي في الأغنية، لا عجب في ذلك فهي إسلامية، و شعار أكبر شركة إنتاج في المجال -أويكننج- هو "Faith inspired music" أو "موسيقى يلهمها الإيمان". و على الرغم من ذلك لم تنحصر في مواضيع القيم و التعاليم الدينية و المدائح النبوية، و لكن ينتشر فيها بشكل لافت الطابع الإنساني و الدعوة إلى الوحدة و التآخي على المستوى الإنساني.
يظهر في هذا اللون محاولة الوصول إلى الجمهور الذي هو العالم الإسلامي من خلال أكثر من لغة و أكثر من شكل. لما كان العالم الإسلامي لا تجمعه لغة واحدة اقتضى الأمر استخدام أكثر من لغة للغناء، هذا على مستوى الأغنية الواحدة بمعنى أن تكون مقاطع الأغنية مغناه بلغات متعددة كما في في أغنية "حسبي ربي" لسامي يوسف. أو أن يقوم المغني بأداء الاغنية الواحدة بلغات متعددة كما في "إن شاء الله" لدى ماهر زين. كذلك إصدار الألبوم مغنى بأكثر من لغة. العربية و الإنجليزية هما اللغتان الأكثر ظهوراً غالباً لأنهما تجمعان أغلب المسلمين. لكن أيضاً تستخدم اللغات التركية و الأردية و الفرنسية و الفارسية.
بالإضافة إلى استخدام أكثر من لغة للوصول للجمهور يتم أيضاً أحيانأ إصدار نسخ خالية من الموسيقى، تماشياً مع الرأي الفقهي الذي يرى حرمة الموسيقى و الذي يتبعه قدر غير يسير من المسلمين.
أدى نجاح هذه التجربة إلى تباري المطربين المحليين في تقديم أشكال مشابهة من الأغنية الدينية و التي حظيت بدورها بقدر جيد من النجاح.
لكن تظل أغنيات نجوم البوب الإسلامي هي الأكثر نجاحاً و انتشاراً بطبيعة الحال. تتابعت ألبومات يوسف من خلال أويكننج و ظهر نجوم جدد على الساحة ينتمي معظمهم إلى أويكننج أيضاً أمثال الكندي عرفان مكي و التركي مسعود كورتس و غيرهما، إلا أن أحد لم ينازع يوسف عرش البوب الإسلامي إلى أن ظهر ماهر زين الوافد الجديد إلى أويكننج عام 2009 بعد انفصال يوسف عنها لخلافات تخص التعاقد، و اتجاهه للعمل من خلال شركة إي تي إم E.T.M international.
أصدر زين الشاب ذو الأصول اللبنانية و النشأة السويدية ألبومه الأول "Thank you Allah الحمد لله" عام 2009 ليحدث الألبوم دوي مرتفع للغاية في كل بلدان العالم الإسلامي، و يحظى بعداد مشاهدات مليوني على اليوتيوب خاصة كليب "إن شاء الله" بنسختيه العربية و الإنجليزية.
منذ ذلك الحين و عرش البوب الإسلامي حائر بين النجمين.
العديد من السمات المشتركة تجمع النجمين منها أن كل منهما ولد في بلد إسلامي ثم هاجر به أبواه إلى بلد أوروبي. بالنسبة ليوسف فقد ولد في أذربيجان التي هاجر أبواه منها إلى إنجلترا هرباً من بطش الحكم الشيوعي. و زين ولد في لبنان التي هاجرت منها أسرته إلى السويد بحثاً عن حياة أفضل.
نشأ كلاهما في وسط موسيقي فكل من والديهما كان موسيقياً لذا أتيحت لكل منهما فرصة تعلم الموسيقى و إجادة العزف على الآلات منذ سن مبكرة و إن كان يوسف قد اندمج أكثر في عالم الموسيقى و تعلم أصوله و أجاد العديد من آلاته منذ صغره أكثر، و استمر في تلقي علوم الموسيقى، في حين درس زين هندسة الطيران.
ثم إن كليهما عمل بمجال الموسيقى مع فنانين عالميين قبل التوجه إلى الغناء و لكن أبدى كل منهما نفس التعليق تقريباً عن هذه التجربه حيث وصفاها بأنها كانت ترضي فيهما حبهما للموسيقى و لكن شيئ ما كان غير مريح، "لم يكن هذا هو الوسط الذي يمكنني أن أندمج معه بارتياح".
بالنسب لزين لم يكن يعلم شيء عن الإسلام تقريباً قبل الدخول في هذا المجال، و تزامن التزامه بتعاليم الدين مع دخوله في مجال الغناء الإسلامي.
الآن و بعد أن انتشر هذا اللون من الموسيقى في العالم من منهما أحرز تقدماً أكثر من الآخر؟
الألبومات
أصدر زين ألبومين فقط هما "Thank You Allah الحمد لله" و " Forgive me سامحني"
أما يوسف فقد أصدر حتى الآن أربعة ألبومات " Al-Mu'allim المعلم" و "My Ummah أمتي" و "Wherever You Are أينما تكون" و "Salaam سلام"
إذا أخذنا في الاعتبار أن يوسف أصدر ألبومه الأول عام 2002، و زين أصدر ألبومه الاول عام 2009. أيضاً إذا أخذنا في الاعتبار أن يوسف بدأ توجه جديد لم يكم موجود تقريباً من قبل أما زين فقد انضم إلى هذا التوجه بعد تشكله و وضوح معالمه و سماته. فيمكننا أن نعتبرهما متعادلان في هذا البند.
الشعبية على الشبكات الاجتماعية
يتخذ كلاهما من الفيس بوك الوسيلة الرئيسية للتواصل مع جمهوره. عدد متابعي صفحة زين على الفيس بوك تخطى السبعة ملايين و نصف، فيما متابعي يوسف حوالي نصف ذلك العدد مما يظهر تفوق واضح لزين.
يتجاوز عدد مرات مشاهدة أغاني زين على اليوتيوب دائماً أغاني يوسف بفارق كبير.
المبيعات
لا نعرف أرقام مبيعات ألبومات كل منهما على وجه الدقة، لكن تصدر زين لمبيعات بعض الدورل مثل ماليزيا و أندونسيا يشير إلى أنه ربما يكون صاحب الرقم الأعلى في المبيعات.
الجوائز و التقديرات
هنا يتفوق يوسف بفارق كبير حيث ظهر في قائمة المسلمين ال500 الأكثر تأثيراً منذ العام 2009.
منحته جامعة روهامبتون الإنجليزية درجة الدكتوراة الفخرية نظراً لإسهاماته في مجال الموسيقى.
سفير الأمم المتحدة للسلام.
أول سفير عالمي لـ"صلتك"
أطلقت عليه "الجزيرة" لقب "ملك البوب الإسلامي"، و وصفته مجلة "تايم" بأنه "أكبر نجم روك إسلامي"، و وصفته صحيفة "الجارديان" بأنه "النجم الأكبر في الشرق الاوسط" و "المسلم البريطاني الأكثر تأثيراُ في العالم"، نجم "IOL" لعام 2009، واحد من البريطانيين ال30 الأكثر شهرة حسب "BBC" لعام 2009.
أما زين فقد فاز بلقب "أفضل نجم مسلم" في المسابقة التي نظمها موقع onislam.com عام 2011.
نال جوائز مبيعات بلاتينية في ماليزيا و إندونسيا.
في المسابقة التي نظمتها إذاعة "نجوم إف إم" لأفضل أغنية إسلامية عام 2011 فازت أغنيته "يا نبي سلام عليك".
ماذا أيضاً؟
يتخطى يوسف زين في جودة الإنتاج. تعينه على ذلك خبرته الواسعة و دراساته المستفيضة لعلوم الموسيقى. فتلاحظ -أو ربما هذا رأيي وحدي- درجة أعلى من الجودة و التناسق في إنتاجات يوسف تبرز فيها قدرة عالية على صناعة أغنية تخاطب الروح. بالإضافة إلى أدائه الهائل في الغناء.
لا يعني هذا التقليل من قدر زين، فهو يملك صوت جميل و أداء رائع و يتميز عن يوسف بالمواضيع التي يغني فيها و التي تجذب الشباب أكثر. يمثل زين -في رأيي- صورة شبيهة لمعظم الشباب الذي يستمع إليه، من حيث كونه المسلم التائب و الذي بدأ طريقه في الإلتزام بتعاليم الدين. تلك الصورة التي انتشرت في الآونة الاخيرة مع عصر الصحوة الإسلامية. لذا ينجذب الشباب بشدة إلى موسيقاه التي تعبر عنهم.
أما يوسف فتوجهه ذو نزعة صوفية. ينتشر في غناؤه ذلك المناخ الروحاني، و الصفاء النفسي. حتى تجده يترك الكلمة و يعبر عن إحساسه بالأصوات الغير منطوقة أحياناً. كما يولي اهتمام أكبر بالجوانب الإنسانية.
رأيي النهائي:
جودة الموسيقى أعلى عند سامي يوسف. لكن شخصية ماهر زين و مواضيع موسيقاه أقرب إلى الشباب مما يجعله و هو الوافد الجديد نسبياً يتخطى مؤسس التوجه يوسف و الذي صك بنفسه -دون قصد- مصطلح البوب الإسلامي.
مازال هناك مكان رحب للوافدين إلى مجال الموسيقى الإسلامية..هذه مجرد بداية فقط.
تعليقات
إرسال تعليق