كنت أظن أن الأيام الأولى هي الأصعب.. شعور أول ليلة أبيت فيها دون احتضانها.. الذراعان الفارغتان تبحثان عنها لا إرادياً.. ترتميان بحكم العادة إلى يمين المضجع فأنتبه أنها ليست هنا. ألتمس الوسادة فأحتضنها كيلا تظل الذراعان تبحثان عنها طول الليل.. أشعر بملمس الوسادة وبرودتها فأتذكر دفء حبيبتي.. أتذكر أنفاسها تضرب وجهي.. أتذكر العينان اللتان تنظران لي في الظلام، بارقتان، تنطقان بما لا ينطق به اللسان.. أتذكر أصابع يدها تتخللان شعر رأسي وتنسحب إلى وجهي تداعبه دون كلام. شعور أول صباح أستيقظ فيه فلا أجدها بجانبي..أفتح عيناي فأنظر تلقائياً إلى يميني فأفاجئ أنها ليست هنا.. هل أستيقظت قبلي؟ ثم أنتبه قليلاً فأتذكر أنها ليست هنا.. بل أنا الذي لست هناك. لم أعان أبداً من صعوبة في النوم في الأماكن الغريبة على.. لا أفتقد سريري ولا وسادتي.. لكن الوضع الآن يختلف؛ تعلقت بها فصار كل شيء في حياتي يدور حولها ويفقد معناه بدونها. تكرر الأمر في الليلة الثانية وفي الصباح الثاني ولكن بشكل أقل حدة.. ظننت أن الألم سيقل بالتدريج؛ لكنني كنت واهمًا. في الليالي الأولى كانت الذراعان تبحثان
على الأرجح أنت قد جربت فيس آب ورأيت صورتك المستقبلية. أنا لم أفعل .. حتى الآن على الأقل. لكنني أراك سعيدًا بصورتك المستقبلية.. تقول لنفسك سأكون في الشيوخ هاريسون فورد أو إد هاريس.. ألا ليت الشيخوخة تقترب إذن. لكن ما الذي يرغب الناس بشدة في تلك الصيحات؟ على الأرجح هو نفس ما يدفعهم لقراءة حظك اليوم أو قراءة الكف والإصغاء للعرافين. الناس تتطلع إلى أي لمحة عن المستقبل.. أي شيء يكشف جزء من ذلك الغموض. لكن هل تعرف ما لم يظهره لك فيس آب؟ لا تعرف؟ دعني أخبرك عن ظنوني إذًا لم يظهر لك فيس آب انطفاء البريق في عينيك.. ذلك البريق الذي يحمل الأمل والاندفاع والشغف.. سينطفئ! وستحل محل بريقه نظرات فارغة أو أخرى خافتة غائرة مثقلة؛ ملؤها الهموم المتراكمة والتجارب التي تركت ندباتها.. كل هم يترك فوق بريق عينيك سحابة؛ واحدة تلو الأخرى تمنحك تلك العيون الرمادية الباهتة. لم يظهر لك فيس آب أيضًا تجاعيد الهم.. أظهر لك تجاعيد العمر.. تجاعيد الشيخوخة.. لكنه لم يلتقط من المستقبل تجاعيد الهم.. تلك السطور التي يخطها على قسماتك الزمن خطًا خطًا. لم يظهر فيس آب انحناءة العنق وتدلي