التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الانسان المعدَّل



 

Cyborg

  




  

      الإنسان السيبري أو السيبورج (Cyborg)  فكرة ظهرت في أدب الخيال العلمي منذ ستينيات القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين أخذت الفكرة في النمو والتطور بلا توقف. والسيبورج هو الإنسان الذي يحمل أحد أو بعض أجزاء جسده جهاز غير عضوي إما للتعويض عن القصور في وظيفة أو للتحسين وزيادة قدرة خاصة إضافية.

وبينما يستبعد الكثيرون فكرة إقحام شرائح إلكترونية في الجسد البشري، يرى الكثير من العلماء أننا على بعد خطوات قليلة من التحول إلى سيبورجات. فكر في المزايا التي يقدمها الأمر؛ ماذا عن شريحة صغيرة توضع في رأسك لتمكنك من تصفح الانترنت دون الحاجة إلى حاسبك أو هاتفك الذكي؛ فقط ما عليك سوى التفكير في الأمر فتتدفق الصفحات و الصور في رأسك ، لا تحتاج حتي لاستخدام عينيك!. و ماذا عن شريحة أخرى تساعدك في إجراء الحسابات المعقدة و أخرى تنظم فيها ذكرياتك الهامة. اشطح بخيالك فلا حدود للإمكانيات هنا.

وإذا ما كنت غير متقبل لفكرة زراعة الشرائح الإلكترونية في جسدك فلا خيار أمامك فستجد      نفسك كإنسان من العصر الحجري فسيسبقك أندادك المعدلون إلى الوظائف ويتفوق الأطفال المعدلون على أبناءك و لا خيار أمامك.
 من يتبنون هذه الرؤية لا يهتمون بالعقبات الهائلة لأنهم يعرفون أن القاعدة تقول “العلم سيجد الحلول” والقاعدة صحيحة والعلم دائماً يجد الحلول، لكن هناك أيضاً قاعدة أخرى تقول ” الأسهل يتحقق”. والأسهل ليس زراعة الشرائح السيليكونية أو أياً كان مادة الشرائح التي سيستخدمونها حينذاك.

إنما الأسهل أن تحصل على كل تلك المزايا دون الحاجة للتعديل في جسدك. فما رأيك في هذا المشهد من المستقبل: تستيقظ في الصباح على صوت عذب يوقظك ينبعث من أحد الأجهزة بالغرفة، تتباعد ستائر الغرفة في هدوء يضع النظام أمامك شاشة تحتوي صورة تمدك بالنشاط، أو أخرى تمثل التحدي الرئيسي لك في ذلك اليوم، أو قائمة مهامك، أو أي شيء تختاره ليعرض عليك أو يختاره لك النظام. الشاشة تنتقل معك حيثما ذهبت فهي على حائطك وأنت تسير بالمنزل أو على المرآة وأنت تغسل أسنانك أو في الهاتف أو السيارة أو عبر نظارتك أو عدساتك اللاصقة أو أي من اكسسواراتك. طوال الوقت يمدك النظام بالمعلومات عن الأشياء التي تراها أو تسمعها و يمدك بالاقتراحات التي قد تساعدك، يعرض عليك آخر الأخبار التي تهمك، يذكرك بعيد زواجك أو موعد زيارة طبيب الأسنان، يرشدك في الطريق، يقترح حلول للمشكلات التي تقابلك، ينصحك بالملابس المناسبة للاجتماع الذي ستحضره أو تلك المناسبة للظروف الجوية المتوقعة.

إنها ليست شطحات خيالية إنها منطقية جداً و ستحقق في وقت قريب جداً، بل إنها بدأت بالفعل تتحقق. إن وجود نظام مثل هذا يعتمد بشكل رئيسي على تطور تقنيتين هما المحمولية (Portability ) ، و تقنيات الواقع المعزز (Augmented reality ) .و التقنية الأولى تطورت بشكل كبير جداً على مدار السنوات الماضية و تاريخ تطور الحجم و الآداء و استهلاك الطاقة في أجهزة الحاسب الآلي يلخص هذا التطور. أما تقنيات الواقع المعزز فهي مجال تطوير و منافسة رئيسي في سوق التكنولوجيا. و قد رأينا جميعاً و انبهرنا بنظام سيري (ٍSiri ) نظام المساعد الشخصي الذي أدمجته شركة أبل في هاتفها الذكي أيفون فور إس (Iphone 4S ) و انبهرنا أكثر بمشروع شركة جوجل الرائد  (Project Glass ) الذي قدمت فيه نظارة يرتديها الشخص و من خلالها يرى المستخدم العالم من خلال تقنيات الواقع المعزز، تمده النظارة طوال الوقت بمعلومات و اقتراحات تعلق بالأشياء التي يراها أو المكان الذي يتواجد فيه، كذلك يستطيع من خلالها تصفح الانترنت أو معرفة الطريق إلى الجهة التي يقصدها أو الإتصال بأحد الأصدقاء و كذلك التقاط الصور و تسجيل مقاطع الفيديو و الاستماع إلى الموسيقى و مشاهدة مقاطع الفيديو و غيرها من المزايا.
هذه التقنيات ومثيلاتها تثبت أننا بدأنا بالفعل ندخل هذا العصر، و بالتأكيد هي بداية لنظام كامل يصاحبك طوال الوقت يمثل البديل المنطقي لزراعة الرقائق في جسد الإنسان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ