التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسئلتنا المؤجلة

wondering

لا بد أن أفكر في هذا الأمر
ما ذا لو كان...
كيف لم أفكر في هذا من قبل ..!
إنه أمر هام جداً...لا بد أن أجد له حل

كثيرة هي أسئلتنا المؤجلة. ولكن لماذا هي مؤجلة؟

سأوضح لك الأمر من بدايته.
في ساعة تجلي بينما تقرأ، أو تتأمل في هدوء فجأة تلمع في ذهنك فكرة. تستشعر مدى خطورة و أهمية تلك الفكرة و يتقد ذهنك محاولاً فهمها، و استيعاب جوانبها. تسأل نفسك كيف لم ألاحظ هذا من قبل، كيف لم أسأل نفسي هذا السؤال؟
أيمكن أن يكون كذا............؟
ماذا لو كان ذلك الـ......؟

عند هذه المرحلة تشعر بمدى أهمية هذه الأسئلة وكم هي مصيرية بالنسبة لك، ولكن لماذا إذن تؤجل الأسئلة؟
وأنت في ذروة نشاطك الذهني تحاول استيعاب الفكرة فجأة تتذكر موعد برنامجك التلفزيوني المفضل، أو يطلب منك أحدهم شيئاً ما، أو أو......
فتقرر أن عليك القيام الآن، والتفكير في هذا الأمر لاحقاً. تنصرف إلى حيث تريد أو يريدون ولا يأتي أبداً ذلك الـ"لاحقاً" الذي ستفكر فيه في هذا الأمر.

لماذا يجب أن أهتم بهذه الأسئلة؟

يا سيدي معظم البشر يعيشون حياتهم في وضع الطيار الآلي، دونما وعي يسير في الزحام، ينجرف حيث ينجرف الناس. يصعد حيث يصعدون ويهبط حيث يهبطون.
تلك اللحظات التي تفكر فيها في هذه الأسئلة هي التي تستطيع أن تخرج بك من القطيع لتسير إلى حيث تريد أنت لا إلى حيث يسير الآخرون، لتسير في الاتجاه الصحيح أو الذي تعتقد أنه الصحيح.
و في الحديث الشريف لا يكون المؤمن إمعة.

لذا أرجوك انفض الغبار عن قائمة أسئلتك المؤجلة، استكشفها ونقب حولها، وحاول فيها، ففيها نجاتك.
أسئلة من نوع ماذا أحب أن أفعل قدد تحدد لك الوظيفة المناسبة، وبدونها تجد نفسك في وظيفة مملة لا تتقدم فيها ولا تحقق نجاح.
أسئلة من نوع كيف خْلقت ولماذا، أو ماذا بعد الموت، وما هدف الحياة قد تنقذك من ضلال اللاأدرية أو التبعية الدينية لمجتمعك. وتهديك إلى دين الحق.
نظرة استغراب لظاهرة طبيعية قد تلهمك بنظرية علمية عظيمة.
أسئلة مثل ما هي مواصفات شريكة حياتي، ماذا أريد في أسرتي المستقبلية، كيف سأربي أبنائي قد تمنحك أسرة سعيدة.
التفكير في أشياء مثل الطريقة المناسبة للتعامل مع الناس قد تهديك إلى أخلاق التعامل السامية وتمنحك حب الناس وثقتهم.

الأسئلة كثيرة، ولكن هل ستمنحك دوماً هذه الهبات؟

إجابتي نعم
أنت بالفطرة خيّر، تهتدي إلى طريق الخير
أنت بالفطرة مؤهل لمعرفة الصواب من الخطأ
ربما لا تصيب من المرة الأولى ولكنك ستصل
درجة نجاحك في الوصول تحددها درجة تصفية قلبك و استهدافك للحق و يقظة ضميرك في مراقبة انحيازا تك.
طالما أنك حاولت الوصول إلى الإجابة فأنت قد نجحت بالفعل.

المشكلة تكمن في عدم المحاولة، و الرضا بالسير في صمت ضمن القطيع، دون مقاومة، دون أسئلة. حينها يغطي المجتمع فطرتك النقية المهتدية بطبقات وطبقات من الغبار حتى يصمت فيك صوت الفطرة المهتدية الخيرّة.
ولا ينفض عنها هذا الغبار سوى هذه الأسئلة والنظرات.
رحم الله الشيخ محمد الغزالي إذ يقول " أنا لا أخشى على الإنسان الذي يفكّر وإن ضلّ، لأنه سيعود إلى الحق. ولكني أخشى على الإنسان الذي لا يفكّر وإن اهتدى لأنّه سيكون كالقشّة في مهبّ الريح ".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ