التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لا لاضطهاد أطفال المساجد



Kids of the Mosques




















تابع معي هذه المشاهد، وأظنك رأيتها  من قبل في مساجدنا كلها أو بعضها

تمتد يد طفل إلى مصحف ليقرأ فيه، فيجد أخينا فلان له بالمرصاد ينتزع المصحف من يديه و ينهره و يطرده من المسجد.

الأطفال في الميضأة ضحك أحدهم أو بعضهم أو تكلم أحدهم إلى الآخر، فينهال عليهم صاحبنا سباباً و أحيانا ضرباً و يطردهم من المسجد
.

الميضأة مزدحمة، لمح صاحبنا بين المتوضئين طفلاً صغيراً، فقرر إيقافه عن الوضوء و الدخول مكانه للوضوء
.

طفل صغير جالس بالمسجد ينتظر أن يفرغ أباه من الصلاة يبكي أو يضحك، ما إن تنتهي الصلاة تجد صاحبنا قام ووجهه يشع غضب زاجراً المصلين الذين لا يكنون احترام للمعبد آسف أقصد المسجد و يدنسونه بإحضار أطفالهم الصغار، من لا يستطيع أن يحضر للصلاة دون تدنيس المسجد بهؤلاء الشياطين الصغار يا سادة فلا يحضر، و في أحيان كثيرة يرسل بعض السباب النابي إلى الآباء  دون 

تحديد أسماء.


جاء صاحبنا إلى الصلاة متأخراً، وجد الصف مكتملاً و لمح طفل صغير يقف في أحد طرفي الصف، فأخرجه من الصلاة ووقف يصلي مكانه.

عجيبة؟. خذ هذه أعجب

جاء صاحبنا إلى الصلاة متأخراً، وجد الصف مكتمل و طفل يقف وحيداً في الصف الجديد بموازاة الإمام، فنقله إلى اليسار قليلاً ووقف يصلي مكانه بموازاة الإمام.

طفل أحدث صوتاً بالمسجد، أو مر أمام مصلي. اغتاظ صاحبنا و راح يسب و يلعن بأقذع الألفاظ. 

يمكن أن أستمر في ذكر أمثال هذه المواقف كثيراً، لكني لا أحتاج لذلك فكلنا نراها في مساجدنا.

فكرت كثيراً ما الذي يدفع هؤلاء للتصرف بهذا الشكل. 
الأمر عجيب للغاية، وأجده مركب من عدة أسباب.

 منها نظرة هؤلاء للمسجد. ينظرون إليه و كأنه معبد وثني لا يجوز تدنيسه بالسماح لهؤلاء الأوغاد الصغار باللهو فيه و لكن يمكن إطلاق السباب و الألفاظ النابية الموجهة للأوغاد الصغار دفاعاً عن المعبد حتى أثناء قيام الصلاة.
لا أعرف ماذا سيكون شعور هؤلاء إذا علموا ماذا كان يحدث في المسجد على عهد النبي -صلى الله عليه و سلم-.


لا أعرف كيف سيشعرون عندما يعلموا أن بعض المسلمين على عهد النبي كانوا يتخذون المسجد مسكناً لهم، فيه يأكلون و يشربون و يتسامرون.

لا أعرف ماذا سيكون شعورهم عندما يعلموا أن النابغة العظيم الحسن بن الهيثم كان يجري بعض تجاربه بالأزهر الذي كان يسكن بالقرب منه.

يمكن ذكر الكثير من الأمثلة على عدم اقتصار المسجد على الصلاة على طول تاريخ المسلمين منها إنشاد الشعر و استقبال الوفود و دروس العلوم المختلفة الدينية و الدنيوية، ماذا عن سيرك بالمسجد؟ نسمع الموقف الذي ورد بالصحيحين عن حمل النبي- صلى الله عليه و سلم- للسيدة عائشة لمشاهدة الحبشة و هم يلعبون بالحراب في المسجد!



سبب آخر أظنه يدفع هؤلاء لاضطهاد الأطفال هو شعورهم بالقمع و الظلم و الذل و حاجتهم إلى ممارسة القمع و الذل على من يظنون أنه أدنى منهم فلا يجدون سوى الأطفال الأبرياء. الواحد منهم مقهور بطرق شتى، يخاف الشرطي و يخاف رئيسه في العمل، و يخاف دائنه، الجميع يمارسون عليه الذل و الإهانة، و هو لا يجد متنفس من ذلك إلا باضطهاد من هم أضعف منه سواء كانوا هؤلاء الأطفال أو زوجته لأو أبناؤه أو أي ضعيف يعتقد هو أنه دونه مكانة.

لا أعرف لهؤلاء سوى نصحهم بمحاولة تنحية أمراضهم النفسية عن الأطفال.
و ما يروى عن رحمة النبي و لطفه مع الأطفال لا يتسع المقام لذكره.
."من لا يرحَم لا يُرحم" قالها النبي-صلى الله عليه و سلم- لرجل غليظ مع أطفاله
و قد روي أن النبي صلى بالناس و هو يحمل أحد أحفاده، كما روي أنه أطال في سجوده بينما أحدهم يجلس على ظهره كرهاً منه أن يعجله حتى يقضي حاجته، و روي أنه كان يخفف من صلاته إذا سمع بكاء طفل.

أي سكينة و خشوع و سلام داخلي و نقاء روحي يمكن أن تجده في مسجد يسوده تنفيس للأمراض النفسية و ترقب من الكبير على الطفل و تصيد للأخطاء ثم سب و لعن و إهانة و ضرب و طرد؟


حان الوقت ليتولى القائمين على المساجد مسئوليتهم في توفير مناخ مناسب بالمسجد لا يؤثر عليه أي مختل نفسياً. لماذا لا نخصص أماكن بالمساجد للأطفال، ولماذا لا نعلم الكبار كيفية الرفق بالصغار تأسياً بالنبي الكريم و التزاماً بآداب الدين الحنيف. يمكننا أن نفعل الكثير نحتاج فقط للمحاولة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ