شركة أبل واحدة من الشركات التي غيرت شكل العالم بلا جدال من خلال المنتجات المميزة التي فتحت أبواب جديدة لعوالم لم نكن نتخيل وجودها. و الفضل الأكبر في ذلك يعود إلى مؤسسها الراحل ستيف جوبز. ابن غير شرعي لطالب سوري كان يدرس في الولايات المتحدة يدعى عبد الفتاح جندلي. اضطر أبواه أن يعرضا رضيعهما للتبني إذ رفضت أسرة الفتاة الكاثوليكية تزويجها لجندلي. و هكذا انتقل الرضيع إلى أسرة جوبز ليصير ستيف جوبز. جوبز المتبنى الذي لم يحصل على شهادة جامعية واحد ممن يعود إليهم الفضل في الثورة التكنولوجية التي نراها الآن. يرجع له الفضل في انتشار أجهزة الحاسب الشخصي، و الموسيقى الرقمية، و ثورة الهواتف الذكية، و الحواسب اللوحية.
بدأ جوبز أول أعماله في جراج منزله مع صديقه ستيف وزنياك و لكنه ترك أبل و هي الشركة الأولى في مجال الحواسب و الأجهزة الذكية و صاحبة أعلى قيمة سوقية في العالم.
بعد رحيل جوبز ثار سؤال طبيعي هو ما مصير أبل بعد جوبز؟
سبق أن ترك جوبز أبل من قبل إذ تم إقصاؤه من الشركة وقتها عانت الشركة تعثر حتى عاد جوبز لإدارة الشركة. فهل يحدث هذا مرة أخرى؟ أم أن جوبز استطاع أن يحول الشركة إلى منظومة تسير على نهجه و لا تعتمد على وجوده.
أبل التي عرفناها مع ستيف تلعب دور الرائد في سوق الحواسب و الأجهزة الذكية، لا تنافس الشركات الأخرى، إنما تقدم المنتجات الجديدة و بقية الشركات تقلدها. أبل مع ستيف كانت تترك المنافسة و تفتح أسواق جديدة. هكذا غيرت أبل العالم منذ بداية ظهورها مع أجهزة أبل ون و أبل تو و آي ماك حيث قدمت مايسمى واجهة المستخدم الصورية (Graphical User Interface (GUI. و كانت تلك بداية الحاسب الشخصي. إذ كانت فكرة الحاسب الشخصي الذي يستخدمه أناس عاديون بسهولة و دون الحاجة إلى مهارات برمجية و سطر أوامر؛ كانت فكرة مستبعدة.
أحدثت ثورة في عالم الموسيقى بتقديم الأيبود و بداية سوق الموسيقى الرقمية.
ثم بتقديمها أول هاتف ذكي الأيفون و بداية سوق الهواتف الذكية.
ثم الأيباد الذي أنشأت به سوق الحواسب اللوحية.
كانت أبل دائماً تخلق أسواق جديدة لم تكن موجودة من قبل، و لم تكن تنافس الشركات الأخرى.
كانت أبل تقدم نفسها دوماً كإسم أرستقراطي يرتبط بالرقي و الجودة. اقتناء الأيفون شبيه بارتداء ساعة رولكس؛ شيء يدل على الرقي. ربما هناك ساعات غير الرولكس أرخص و تقدم مزايا أفضل و لكنك لا تشتري الرولكس لأجل المزايا؛ أنت تشتريها لأنها رولكس. أبل كانت الوحيدة في المجال التي لديها هذه الميزة ميزة الاسم، الماركة، و لا يشبهها في ذلك إلا ربما بلاكبيري -أو أر آي إم RIM سابقاً- . الدلائل على ذلك عديدة منها مثلاً:
أسعار منتجات الشركة مرتفعة دوماً عن أسعار نظيراتها من الشركات الأخرى. و تبرر أبل ذلك بأنها لا تفضل بأن تضحي بالجودة في مقابل السعر.
منتجات أبل آي ماك، ماك بوك اير،ماك بوك برو،أبل تي في، أيباد تأتي بلون واحد فقط هو الفضي، كذلك الأيفون متاح بلونين فقط الفضي و الأسود.
تستخدم أبل لمنتجاتها أنظمة تشغيل غير مفتوحة من انتاج الشركة، كما أنها لا تصرح لشركات أخرى باستخدام أنظمتها.
لا تعطي أبل تنوع كبير في المنتجات فقط كل تصنيف به جهاز أو اثنين. هاتف واحد فقط الأيفون، وحاسب لوحي واحد فقط الأيباد، و نوعين من الحواسب المكتبية برجي "ماك برو"، و الكل في واحدAll in one "آي ماك" و حاسبين محمولين"ماك بوك إير" و "ماك بوك برو" و هكذا.
تتبع أبل في أجهزتها تصميمات unibody جهاز قطعة واحدة لا يمكن الكشف عن أجزاؤه الداخلية أو الوصول للبطارية، و لا يمكن زيادة مساحة التخزين باستخدام بطاقة ذاكرة.
تحب أبل أن تظهر للجميع أنها ليست في منافسة أو فوق المنافسة،هذا يتضح جلياً في عباراتها الشهيرة هناك الأيفون ثم هناك كل شيء آخر There is Iphone, and then there is every thing else ، و هكذا لا تدخل أبل في منافسة مع الشركات الأخرى في مواصفات الأجهزة و إمكانياتها الجديدة، كذلك لم تزيد من حجم شاشة الأيفون -3.5 بوصة- رغم أن جميع المنافسين كانوا يزيدون من مساحات شاشات هواتفهم، و ما زال الأيفون لا يدعم تقنية NFC.
كل الهواتف المنافسة للأيفون تحتوي على كاميرات ذات دقة أعلى منه إذا حسبنا الدقة بعدد الميجا بكسل .ا مع ذلك عند مقارنة الصور تظهر الملتقطة من الأيفون أعلى في الجودة!
لا يتيح الأيفون تبادل الملفات مع الأجهزة الذكية الأخرى بالبلوتوث.
تستورد أبل نوع خاص من معدن الألومنيوم للأيباد من مناجم في استراليا.
لا تسمح أبل يتشغيل تطبيقات طرف ثالث third party applications على الأيفون.
احتاج الأيفون في البداية إلى بطاقة سيم صغيرة مايكرو micro SIM ثم عندما انتشر اعتماد الهواتف الذكية على المايكرو سيم، جاء
الأيفون 5 يدعم النانو سيم الأصغر.
لا يسمح الأيفون بتعيين المقاطع الصوتية كنغمات رنين.
أجهزة أبل لا تستخدم موصلات مايكرو يو إس بي Micro USB connectors التي تستخدمها كل الأجهزة الأخرى، إنما لها موصل خاص لا يعمل إلا على أجهزة أبل.
بعد ستيف
رأينا بعد ستيف الأيباد الصغير و هي فكرة سبق أن رفضها ستيف. و كان رأيه أن مثل هذه الأجهزة يجب أن تقدم تجربة استخدام كاملة دون اي تضحيات، لكن خرجت علينا أبل بالأيباد الصغير لتنافس أجهزة كيندل فاير من أمازون و نيكسس7 من جوجل و جالاكسي تاب من سامسونج، إلا أنها أرادت أن تحتفظ بتقاليدها التي تخص عدم المنافسة فقدمت الجهاز بثمن يعادل ضعف ثمن نيكسس أو كيندل فاير و بمقاس شاشة 7.9 بوصة. العجيب أن سامسونج خرجت بجهاز بنفس المقاس لمنافسة جهاز أبل.
رأينا بعد ستيف الأيفون الطويل، رغم إصرار أبل على الاحتفاظ بنفس حجم الشاشة دون تغيير في إصدارات الأيفون المتتابعة إلا أنها خرجت علينا بالأيفون 5 ذو الأربع بوصات حيث زاد عن أسلافه في الطول نصف بوصة.
بعد ستيف انتشرت إشاعات عن نية أبل انتاج أيفون رخيص. و هذه أعجب العجائب إذا حدثت، لأنها تخالف التوجه المعروف عن الشركة و هو الاهتمام فقط بالجودة دون السعر، و المحافظة على الطابع الأرستقراطي للشركة.
يبدو أن أبل بعد ستيف قررت أن تتخلى عن تقاليدها التي تخصالعمل على ابتكار منتجات جديدة، وعدم المنافسة، و فتح أسواق جديدة ، كما قررت التضحية بجزء من أرستقراطيتها و بدأت تنافس الشركات الأخرى في السعر و تصاميم المنتجات
. إذا كان هذا صحيح فغالباً لن تبقى أبل على القمة لفترة طويلة.
تعليقات
إرسال تعليق