التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عندما تصنف نفسك

Classification


الطبيعي أن تفعل ما يروق لك، و ما يتفق مع قيمك.
و الطبيعي أنه بناءاً على افكارك، و توجهاتك، و قيمك يصنفك الناس.

و التصنيف عموماً سواء تصنيف توجهات الناس، أو التصنيف العلمي للمواد، أو الكائنات... الفكرة وراءه هي محاولة تسهيل الفهم و توقع التصرفات. ففي علم الأحياء مثلاً يوجد نبات و حيوان، و تحت تصنيف الحيوان تجد فقاريات و لا فقاريات و هكذا تتابع التصنيفات و تتداخل
فتستطيع أن تضع وصفا عاما للكائنات الموجودة تحت كل تصنيف.

كذلك في البشر؛ مثلاً من يعتنق أفكار تخص مساندة حقوق العمال و العدالة الاجتماعية و حقوق الطبقات الكادحة نسميه يساري.
هذا هو الوضع الطبيعي .

الغير الطبيعي أن تصنف نفسك بنفسك و تتصرف بناءاً على هذا التصنيف.
فتعتقد في هذا الرأي أو ذاك لأنك إسلامي و تتخذ هذا الموقف لأنك إخواني و تعارض هذا الأمر لأنك ليبرالي و تساند تلك الفكرة لأنك ناصري.

و إذا كان تصنيف الآخرين أمر غير حسن إذ أنه ينطوي على تعميم و قولبة و يأتي بظلم بين في الحكم على الناس، -و مجرد التفكير في الحكم على الناس و تصرفاتهم ليس بالأمر الجيد-. فإن تصنيف الذات أخطر و أخطر؛ إذ أنه يدفعك إلى تأييد و مساندة بل و اعتناق آراء لمجرد كونها تابعة لهذا التيار الفكري أو السياسي.

إذا كان تصنيف الآخر ينطوي على إساءة الحكم على الآخر و يحرمك خير أفكار هذا الآخر فترفضها دون تفكير لمجرد أنها أراء هذا الآخر، فإن تصنيف الذات يحرمك خير أفكارك أنت و أرائك أنت. هو ببساطة استغناء عن عقلك و استبداله بالتبعية لعقول آخرين.

لكن الله سبحانه و تعالى وهب كل منا عقلاً مستقلاً..إذا تحسست رأسك لن تجد أي أسلاك موصولة بأشخاص آخرين، و نتيجة لذلك فأنت مساءل عن كل خيار أخذته أو لم تأخذه في حياتك. أنت المسئول الوحيد في النهاية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ