التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تعريف بكتب مصطفى محمود (2) الإسلام السياسي والمعركة القادمة (1/2)

الإسلام السياسي والمعركة القادمة  (1/2)

مصطفى محمود
الغلاف







الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات يجمعها إطار الإسلام السياسي، تعريفه وأسبابه ومستقبله. تم تقسيم الكتاب ذو الـ(136) صفحة إلى(14) فصل، يضم كل فصل عدة مقالات أو مقال واحد طويل، وسمي كل فصل باسم أحد المقالات التي يحتويها.
الكتاب هو إطلالة على الجو المحتدم لعالم التسعينات بعين مفكر مسلم مشفق على واقع المسلمين، ساخط على جبابرة العالم الحديث، وطامح في مستقبل أفضل لبني وطنه ودينه وثقافته.


1.   لا تقولوا الديموقراطية كفر

يبدأ الكتاب ذو الـ(136) صفحة بالحديث عن الديموقراطية والإسلام، فيسمي الفصل "لا تقولوا الديموقراطية كفر" معارضاً بعض الأصوات التي تعالت في ذلك الوقت معارضة للديموقراطية ومدعية مخالفتها للإسلام. يدلل الكاتب على أن الديموقراطية من الإسلام الذي أقر منذ بدايته الشورى، والبيعة، والانتخاب، والحوار. كما يرد على عدم وجود نظرية محددة المعالم للحكم في الإسلام بأن تلك ميزة وليست عيباً؛ فقد وضع الإسلام قواعد وتوصيات عامة لشكل الحكم، وعلينا كمسلمون الاجتهاد في ترسية نظام يرعى هذه التوصيات ويناسب العصر. وينتقل في نفس الفصل للرد على الادعاء بأن الإسلام لم يتيح براح لاجتهاد العقل أمام النصوص قائلاً أنه حتى في أوكد النصوص التي لا تحتمل أي اختلاف في الفهم مثل نص حد السرقة اجتهد الرسول، واجتهد عمر في عدم العمل بالنص في الحرب أو المجاعة. كما يتعرض لقضية الفن والإسلام، ثم يعطي لمحة عن الإسلام السياسي في نهاية الفصل.

2.   الإسلام السياسي

ثم يتجه للحديث عن الإسلام السياسي في إطار البيئة السياسية العالمية والصراع الحضاري. فيبين أن الغرب لا مشكلة لديه مع الإسلام التنسكي؛ إسلام الصوم والصلاة والحج والذكر؛ إنما مشكلته مع الإسلام السياسي الذي يقدم نفسه كمنافس حضاري. ويبين أن الهجمة على الإسلام السياسي ليست من قبل الغرب فقط بل أيضاً من أبناء البلاد الإسلامية الذين تأثروا بالثقافات الغربية. ولكنه يتوقع تربعاً إسلامياً على العرش بعد أن سقط الدب الروسي، وراح السوس ينخر مبشراً بزوال بابا نويل الأمريكيثم يرد على الادعاء بأن المرء يكفيه حظه من العبادات بأن المرء الآن لا يستطيع أن يغلق على نفسه بابه وينعزل عن العالم، فقد صار الانحلال الغربي وتقاليع الموضة والأغاني المكشوفة تدخل إليك أينما كنت، ولا بد أن نقدم أنفسنا كبديلويتوقع الكاتب صدام قريب بين الدول الإسلامية والغرب يكون صمام الأمان فيه بالنسبة لبلدنا ولاء الكنيسة المصريةثم يلمح إلى رأيه في الإرهاب كجريمة لا علاقة لها بالإسلام أو الإسلام السياسي.
.

3.   الفتنة الكبرى

ثم يبدأ "الفتنة الكبرى" بالحديث عن فوضى تحارب الميليشيات الإسلامية في كابول، والأيادي التي تتحكم في هذه الميليشيات في الخفاء. ويحاول تفسير ظاهرة الأصولية فيبين ما فيها من استعلاء وتركيز على سفاسف الأمور، ويبين استغلال المنظمات الأصولية للشباب تحت غطاء الوازع الديني واستغلال دول معادية لتلك المنظماتوينتقل الكاتب للحديث عن أزمة "سراييفو" النازفة و يبدي تعجبه من الصمت الدولي على قتل الأبرياء. ويقارن ذلك الصمت الدولي تجاه السفاح "ميلوسوفيتش" الذي أسموه بصدام يوغوسلافيا بما فعلوه تجاه صدام. وكل ذلك يحدث للمسلمين في ظل انقسام عربي وهوان إسلامي. ولكن الزمن دوار، وسيأتي الوقت الذي يعتلي فيه المسلمون القمةوفي طريق الوصول للقمة علينا أن نتحلى بإيمان المسلمين الأوائل في عمقه وبساطته، ولا نتماحك حول القشور والمظاهر، علينا أن نتحلى بأخلاق الإسلام وقيمه وأوامره التي منها التفكير والبحث. فالإسلام السياسي هو وحدة وحرية وعدالة ورأي عام مستنير.

4.   المستضعفون في الأرض

ثم في "المستضعفون في الأرض" يصف حال المسلمين وكيف أنه صار شبيهاً بما كان عليه يهود "بأسهم بينهم شديد"، والفقر ظاهر في دولنا وفي ذلك خيانة لإرثنا وتضييع لأوامر ربنا "اقرأ"، و"قل هو الله أحد"، و"قل اعملوا فسيرى الله عملكم". ويتعجب الكاتب ممن أهملوا هذه الأوامر الربانية ولم تقع أعينهم في القرآن إلا على نص قطع يد السارق على ما يستوجبه من متطلبات ليست متوفرة في وضعنا الراهن. ولكن الله يأتي بالمنحة بعد المحن كما أورث الأرض بني إسرائيل بعد أن كانوا مستضعفين، ولسوف تعلو راية الحق.

5.   يوم الحشر

وفي "يوم الحشر" يبين كيف ضاقت علينا بلدنا وانفجرت بالسكان واختفى منها اللون الأخضر. ويرجع ذلك إلى سياسات عبد الناصر و "عنجهيته" التي أودت بالبلد. ولم نستيقظ من هتافاته إلا على المجاري الطافحة، والطلبة المتكدسون في المدارس، والبشر الذين سكنوا المقابر ومدن الصفيح. ويستعرض الكاتب رأي الخبير "م. سيد كريم" ودوائه المر الذي يتضمن جعل الدخول للقاهرة بفيزا! منعاً لتكدس السكان بها، وإعادة الفلاحين إلى حقولهم مرة أخرى (ملحوظة: لو أن هذا الأمر طبق، فلربما كان كاتب هذا المقال يجلس بحاسوبه في الحقل بدلاً من القبوع بمقر عمله بالقاهرة الجديدة). ونقل الوزارات إلى المدن التابعة، والتخطيط لبناء عاصمة سياسية جديدة، بالإضافة إلى تصليحات عمرانية مثل توسيع الشوارع وزيادة المساحة الخضراءثم ينتقل إلى مشكلة الانفجار السكاني، ويقترح الكاتب استخدام كبسولات منع الحمل التي توضع تحت الجلد. ويحاول تصحيح المفهوم السائد بشأن تنظيم النسل فيبين أن الله هو الرزاق؛ لكنه أمرنا بالعمل كما أمر مريم بهز جزع النخلة، وأمر أيوب بالركض برجله. ثم يبهجنا الكاتب بالحديث عن "كنوز مصر" التي تدل على أن مصر أغنى دولة في العالم إذ مازالت تعج بالكنوز بعد كل السرقات التي تعرضت لها على مر التاريخ. ويعدد ثروات مصر المتنوعة من معادن وأثار وغيرها.

6.   الحقيقة واضحة كالنهار

ويتعجب في "الحقيقة واضحة كالنهار" من طريقة تفكير الأصوليين الذين منعوا الموسيقى في أفغانستان دون تمييز بين جيدها ورديئها، وفي وقت تشتعل فيه الحرب بين الأخوة. ويرى تلك الطريقة في التفكير انحراف عن الإسلام؛ إسلام التوحيد والتقوى ومكارم الأخلاق. كيف نهتم بالموسيقى وننسى استحقاق الانتخابات! ما تلك القضايا السطحية إذن إلا بالونات يشتغل بها الناس عن القضايا المهمة. ثم يشبه أولئك الأصوليون بالشيوعيين؛ فأولئك أوهموا الناس أنهم أهل الأصول والدين الحقيقي، وهؤلاء أوهموهم أنهم أهل التقدم. ولا يمكن أن تكون تلك القشور والتنطعات الفقهية أصول الإسلام، بل انتخاب الولي من الأصول، والعودة للأصول ليست العودة للنقاب إنما العودة للسماحة والحرية والشورىويتعرض لكتاب نيكسون "انتهزوا الفرصة" الذي لا يرى في المسلمين سوى الإرهاب ويؤكد على ضرورة منع السلاح عنهم، ولكن الكاتب يذكره بهتلر وموسوليني وغيرهم هل نسبنا أفعالهم للمسيحية؟؟ إنها إذن النية السيئة وراء هذا الحكم. نفس النية التي دفعتهم لضرب صدام والسكوت عن ميلوسوفيتش. ويرى الكاتب أن الإسلام ذاته هو المستهدف وليست الأصولية، لأنه يمثل بديل حضاري. ويبين أن الأصولية ليست صحوة بل ربما تكون مدفوعة من دول معادية. وأن الدول العربية متآخية بالفطرة لكن يحول بينها الحكام الذين لا يأمنون على كراسيهم إلا بتدمير من حولهم. والحل الذي يراه الكاتب هو شورى وبرلمان وديموقراطية. ثم يفرد مقالاً في"العصابة الناصرية" لاستعراض ما خلفه "عبد الناصرمن كذب وادعاء بالبناء والتعمير ونكسة وأقلام مكسورة واعتقالات وأغاني كاذبة متملقة. ويرى أن من جاؤوا بعد عبد الناصر بنوا أضعاف وأضعاف ما بنى بدون اعتقالات وقهر. يبعثها رسالة للناصريين الذين ظهروا على الساحة في ذلك الوقتثم يستنكر مرة أخرى في "بركان الغضب" سكوت الغرب عن مذابح الصرب في المسلمين، ويقارن ذلك برد فعلهم تجاه مجرد احتمال وجود أسلحة ما لدى صدام.

7.   سقوط مصداقية أمريكا

يبدي الكاتب عجبه من موقف أمريكا من أزمة مسلمي البوسنة وسكوتها عن المجازر الدامية التي ارتكبت بحقهم، وكأن هناك قانون غير مكتوب يبيح المجازر طالما أنها في حق المسلمين، فتختفي شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان، ويتعامى الجميع عن الأسلحة التي تنهمر على الصرب من كل صوب، هذه العقلية المعادية للمسلمين هي نفسها التي زرعت إسرائيل لتكون شركة في ظهر المسلمين، وهي التي تعمل على إخلاء أوربا من المسلمين. ويستعين الكاتب بمقطع من "بروتوكولات حكماء صهيون" ليدلل على أن تلاقي المنافع الكائن بين الصليبيين أمثال "ميلوسوفيتش" والصهاينة لن يدوم، فخطط الصهاينة تحتم التهامهم للمسيحية حينما تحين الفرصة. ويلقي الكاتب الضوء على "حرب الأصوليات" القائمة في العالم، فليست الأصولية الإسلامية تلعب وحدها على الساحة، إنما هناك الأصوليات النازية والفاشية والماركسية والصهيونية والفاتيكانية. ويدلل الكاتب على وجود تلك الأصوليات بموقف الفاتيكان من تنظيم النسل ومجازر موسوليني وهتلر وستالين، ويرى أن الأصولية المهيمنة اليوم هي "أصولية الغرب الرأسمالي" الذي يعمل أسلحته الاقتصادية في شعوب الجنوب البائسة، ويرى أن الأصولية الإسلامية ظهرت كردة فعل لحركات الاستعمار الغربي وسقوط الشيوعية المعادية للدين. ويرى أن الثورة الإيرانية مثال يدعم ذلك الرأي؛ إذ حفزها الاستعمار الأمريكي الغير صريح على البلاد إذ كانت أمريكا تسيطر بشكل كامل على الشاه. أما الأصولية الصهيونية فهي قمة التسييس الديني الإجرامي للعالم، والتي لن يرتاح العالم سوى بزوالها. ويعرض لرأي المفكر الفرنسي روجيه جارودي في أن الحل دائماً هو الاتصال، إذ أن المشكلة تكمن في انعزال كل أصولية خلف جدران سميكة تمنعها عن فهم الطرف الآخر وتمنعه من فهما، فإذا جاء الحوار كان الفهم والتفهم والتفاهم، وإن كان تحقيق الحوار أمر غير يسير، كما أنه لا يحمل بالضرورة نتيجة مؤكدة.
يتبع...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ