التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما لم يظهره فيس آب

على الأرجح أنت قد جربت فيس آب ورأيت صورتك المستقبلية.
أنا لم أفعل .. حتى الآن على الأقل.
لكنني أراك سعيدًا بصورتك المستقبلية.. تقول لنفسك سأكون في الشيوخ هاريسون فورد أو إد هاريس.. ألا ليت الشيخوخة تقترب إذن.

لكن ما الذي يرغب الناس بشدة في تلك الصيحات؟
على الأرجح هو نفس ما يدفعهم لقراءة حظك اليوم أو قراءة الكف والإصغاء للعرافين.
الناس تتطلع إلى أي لمحة عن المستقبل.. أي شيء يكشف جزء من ذلك الغموض.

لكن هل تعرف ما لم يظهره لك فيس آب؟
لا تعرف؟
دعني أخبرك عن ظنوني إذًا

لم يظهر لك فيس آب انطفاء البريق في عينيك.. ذلك البريق الذي يحمل الأمل والاندفاع والشغف.. سينطفئ! 
وستحل محل بريقه نظرات فارغة أو أخرى خافتة غائرة مثقلة؛ ملؤها الهموم المتراكمة والتجارب التي تركت ندباتها.. كل هم يترك فوق بريق عينيك سحابة؛ واحدة تلو الأخرى تمنحك تلك العيون الرمادية الباهتة.

لم يظهر لك فيس آب أيضًا تجاعيد الهم.. أظهر لك تجاعيد العمر.. تجاعيد الشيخوخة.. لكنه لم يلتقط من المستقبل تجاعيد الهم.. تلك السطور التي يخطها على قسماتك الزمن خطًا خطًا.

لم يظهر فيس آب انحناءة العنق وتدلي الرأس.
التجارب والمصائب يا عزيزي كيف تظنها تمر إلا من فوق ذلك العنق لتخفضه مليمتر تلو الآخر.
تلك الريح التي خفضت لها ذلك العنق هل تظنها تمضي بلا أثر؟ أنت واهم إذن.. كل هبة ريح تحني ذلك الرأس لا تتركه كما كان.

والانحناءة الأخرى هل تعرفها؟
نعم انحناءة ظهرك.. إنها الجاذبية التي عاندتها صغيرًا.. سرت ضدها وأخذت تشب وتبتعد عن الأرض.. لكنها كانت تنتظر في صبر حتى تنتهي فورة شبابك لتجذبك نحوها مرة أخرى.. خطوة تلو الأخرى تقترب منها حتى تنسحق فيها انسحاقًا ..، ترابًا كنت ترابًا تعود... تدريجيًا.

هل أحدثك عن الأقراص ومواعيدها أو عن العكاز والكرسي المتحرك؟
هل أحدثك عن القسطرة؟ الدعامات؟
لا.. ولن نتحدث عن الآلزهايمر ولا داء باركنسون ولا السرطانات وفشل الأعضاء.. لا داع لإرعابك بأمراض قد لا تصيبك أنت بالذات.. فقد تكون من القلة الناجية....
لكن لو أنك أفلت منها هل ستفلت أيضًا من الضغط والسكر؟
وضعف السمع؟ ليس من المهم الحديث عنه فنصفنا فقط سيصلون إلى درجة الإعاقة السمعية؛ بينما البقية سيظلون قادرين على سماع الصياح وسيتسلون بالتلفاز الذي سيرفعون صوته لأقصى حد .. كدت أنساه بالفعل! ونسيت أيضًا أمراض القلب والأوعية الدموية..ومشاكل المفاصل .. سيكون لك معها أيام وليال.. فاستعد.

إلى أن يحين ذلك الوقت.. انس هذا الكلام واستمتع بفيس آب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحدد كونك مجنون أو عاقل؟

  هل أنت مجنون، أم عاقل؟ طبعاً عاقل؛ هل جننت؟ و ما أدراك أنك عاقل؟ كيف أبدو لك؟ دعك مني، ما دليلك على كونك عاقل? لا أتصرف كالمجانين. و هل يدرك المجنون أنه يتصرف كالمجانين؟ أقصد لا أرتدي ثياب ممزقة، و لا أضرب الناس، و لا أكلم نفسي، و لا أتخيل أشياء غير موجودة. و هل يدرك المجنون إتيانه لهذه التصرفات؟ حسناً، كيف تثبت أنت أنك عاقل؟ لا أستطيع أن أثبت ذلك؛ ليست هناك قواعد ثابتة لدى كل الكائنات تحكم على مدى منطقية الأحداث. في الحلم ترى أشياء عجيبة لا يمكن تصديقها مع ذلك لا تستغربها إطلاقاً و تتصرف معها بشكل طبيعي جداً كأنك لا ترى أي شيء غريب. كذلك المجنون يرى الأشياء وفق منطقه الخاص يرى الأشياء بعينه هو ليس كما تراها أنت و يتفاعل معها بمنطقه هو ليس بمنطقك أنت فيبدو لك مجنون. و المجنون بذلك هو من يختلف نمط إدراكه عن نمط إدراك بقية البشر العاديين، و يختلف منطق حكمه و بالتالي طريقة تفاعله عن البشر العاديين. كثيراً ما نسمع عبارة أن الجنون و العبقرية بينهما شعرة. ماذا لو كانت تلك الشعرة هي الفاصل الدقيق بين بين نهاية النمط البشري العادي في الادراك و التفكير و ما ورا

كيف نقيس مدى نجاح التعليم عبر الانترنت

       أحد مساوئ المقررات الهائلة المتاحة عبر الانترنت أنها ليست على درجة عالية من الفعالية، على الأقل اذا قيست الفعالية على أساس معدلات الإنجاز. فإتمام 20% من الطلاب لمقرر عبر الانترنت يعتبر انجاز هائل، و اتمام 10% أو أقل من الطلاب للمقرر هو المعدل العادي. لذا فإن المقررات المتاحة عبر الانترنت لا تزال في طور الهواية و لم تصل بعد لدرجة أن تكون بديل حقيقي للتعليم التقليدي. الداعمون للتعليم عبر الانترنت  يرون أن لغة الأرقام تصب في صالحه حيث أنه استطاع خلال فترة قصيرة أن يمهد للحدث الهائل المقبل على الانترنت –الجامعات. اذا حضر 100000 طالب مقرر مجاني عبر الانترنت و أتمه منهم 5000 فقط فإن الرقم ليس بهين. إن طبيعة المقررات المتاحة عبر الانترنت من حيث كونها رقمية و منشورة على الشبكة يجعل منها وسط مثالي لتقييم المحتوى. في وقت سابق هذا الأسبوع أعلنت جامعة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا تعاقدها مع احد مطوري المقررات المتاحة عبر الانترنت يوداسيتي Udacity لتصميم ثلاث مقررات تجريبية. و قد ذكروا أن المؤسسة الوطنية للعلوم وافق

تعريف بكتب مصطفى محمود (1) عصر القرود

غلاف الكتاب كتاب خفيف و شيق، يقع في مائة صفحة. يصف فيه الكاتب عصرنا هذا- أفترض أنه مازال نفس العصر -  بأنه عصر القرود. عصر انخسف فيه الإنسان و انحط إلى أدنى درجات البهيمية عندما أهمل روحه و عقله، و صار عبداً لجسده و شهواته. فيتحدث عن المرأة المرغوبة أو المرأة "السكس" -كما يسميها في الكتاب- تلك المائلة المميلة التي حولت نفسها لوجبة تنادي الآكلين. ثم يعرض مظاهر قدوم عصر القرود من فساد الأرض و البحر و الجو و حتى الفضاء على يد الإنسان، علاوة عن الفساد الخلقي المصطبغ بصبغة عقلية كاذبة. و ينتقل الكاتب إلى انتقاد الفهم الشائع عن الحب و الغرام؛ و يقدم مفهومه الخاص للعلاقة السليمة بين الرجل و المرأة و التي يرى أنها تعتمد على السكن و المردة و الرحمة كما ذكر القرآن لا على الحب  و يعتبر الكاتب الحب صنم العصر الذي يطوف حوله العاشقين. حيث يرى أنه لا يشكل أساساً قويماً تنبني عليه علاقة. و يبين كيف أن الرجل الفاضل لا ينجرف في تيار العشق؛ و دلل على ذلك بدعاء يوسف لربه  (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ) [يوسف:33]  و كذلك برأي الإ